فصل: الخبر عن غزاة السلطان لمدافعة عثمان بن أبي العلا ببلاد الهبط ومهلكه بطنجة بعد ظهوره:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن انتزاء يوسف بن أبي عياد بمراكش وتغلب السلطان عليه:

لما فصل أبو ثابت عن معسكرهم بتلمسان إلى المغرب قدم بين يديه من قرابته الحسن بن عامر بن عبد الحق انعجون ابن السلطان أبي يوسف في العساكر والجنود وعقد له على حرب عثمان بن أبي العلاء كما ذكرناه وعقد على بلاد مراكش ونواحيها لابن عمه الآخر يوسف بن محمد بن أبي عياد بن عبد الحق وعهد له بالنظر في أحوالها فسار إليه واحتل بها ثم حدثته نفسه بالانتزاء فقتل الوالي بمراكش واستركب واستلحق وانخذ الآلة وجاهر بالخلعان وتقبض على والي البلد فقتله بالسوط في جمادى سنة سبع وسبعمائة ودعا لنفسه واتصل الخبر بالسلطان لأول قدومه فسرح إليه وزيره يوسف بن عيسى بن السعود الجشمي ويعقوب بن أصناك في خمسة آلاف من عساكره ودفعهم إلى حربه وخرج في أثرهم بكتائبه وبرز يوسف بن أبي عياد وأجازوا أم الربيع فانهزم أمام الوزير وعساكره واتبعه الوزير ففر إلى أغمات ثم فر إلى جبال هسكورة ولحق به موسى بن سعيد الصبيحي من أغمات تدلى من سورها ودخل الوزير يوسف إلى مراكش ثم خرج إثره ولحقه فكانت بينهما جولة وقتل منهم خلق ولحق بهسكورة ودخل السلطان أبو ثابت مراكش منتصف رجب من سنة سبع وسبعمائة وأمر بقتل أوربة المداخلة كانوا له في انتزاثه فاستلحموا ولما لحق يوسف بن أبي عياد بحبال هسمكورة ونزل على مخلوف بن عبو وتذمم بجواره فلم يجره على السلطان وتقبض عليه واقتاده إلى مراكش مع ثمانية من أصحابه تولوا كبر ذلك الأمر فقتلوا في مصرع واحد بعد أن مثل بهم السلطان بالسياط وبعث برأس يوسف إلى فاس فنصب بسورها وأثخن القتل فيمن سواهم ممن داخله في الانتراء فاستلحم منهم أمم بمراكش وأغمات وسخط خلال ذلك وزيره إبراهيم بن عبد الجليل فاعتقله واعتقل عشيره من بني دولين ومن بني ونكاسن وقتل الحسن بن دولين منهم ثم عفا عنهم وخرج منتصف شعبان إلى منازلة السكسيوي وتدويخ جهات مراكش فتلقاه السكسيوى بطاعته المعروفة وأسنى الهدية فتقبل طاعته وخدمته ثم سرح قائده يعقوب بن آصناد في اتباع زكنة حتى توغل في بلاد السوس ففروا أمامه إلى الرمال وانقطع أثرهم ورجع إلى معسكر السلطان وانكفأ السلطان بعساكره إلى مراكش فاحتل بها غرة رمضان ثم قفل إلى فاس بعد أن قتل جماعة من شيوخ بني ورا وجعل طريقه في بلاد صنهاجة وسار في بلاد تامسنا وتلقاه عرب جشم من قبائل الخلط وسفيان وبنى جابر والعاصم فاستصحبهم إلى آنفى وتقبض على ستين من أشياخهم فاستلحم منهم عشرين ممن نمي عنهم إلى افساد السابلة ودخل رباط الفتح أخريات رمضان فقتل هنالك من الأعراب أمة ممن يؤثر عنه الحرابة ثم ارتحل منتصف شوال الغز ورياح أهل آزغار والهبط واثار بالإحن القديمة فأثخن فيهم بالقتل والسبي وقفل إلى فاس فاحتل بها منتصف ذي القعدة وفجأه الخبر بهزيمة عبد الحق بن عثمان واستلحام الروم من عساكره ومهلك عبد الواحد الفودودي من رجالات دولته وأن عثمان بن أبى العلاء قد استفحل أمره بجهات غمارة فأجمع لغزوه والله أعلم.

.الخبر عن غزاة السلطان لمدافعة عثمان بن أبي العلا ببلاد الهبط ومهلكه بطنجة بعد ظهوره:

لما ملك الرئيس أبو سعيد فرج بن إسمعيل بن يوسف بن نصر سبتة سنة خمس وسبعمائة وأقام بها الدعوة لابن عمه المخلوع محمد بن محمد الفقيه ابن محمد الشيخ ابن يوسف بن نصر كما ذكرناه وأجاز معه رئيس الغزاة المجاهدين بمحل إمارته من مالقة عثمان بن أبي العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد الحق من أعياص هذا البيت كان مرشحا للملك فيهم واستقدمه معه ليفرق به الكلمة في المغرب بفتنة الدولة مدافعة عن سبتة لما كان هاج السلطان قومه فأخذها واستقام ملكها وطمع عثمان في ملك المغرب بامدادهم ومظاهرتهم وسولت له نفسه ذلك فخرج سبتة وولى على جيش الغزاة بعده عمر ابن عمه رحو بن عبد الله ونجم هو ببلاد غمارة فدعا لنفسه لم أجابته القبائل منهم واحتل بحصن علودان من أمنع معاقلهم وبايعوه على الموت ثم نهض إلى أصيلا والعريش فغلب عليها واتصل ذلك كله بالسلطان الهالك أبي يعقوب فلم يحركه استهانة بأمرهم وبعث ابنه أبا سالم بالعساكر فنازل سبتة أياما ثم أقلع عنها وبعث بعده أخاه يعيش بن يعقوب وأنزله طنجة وجمر معه الكتائب وجعلها ثغرا وزحف إليه عثمان بن أبي العلاء فتأخر عن طنجة إلى القصر ثم اتبعه فخرج إليه أهل القصر فرسانا ورجالا ورماة مع يعيش فوصلوا إلى وادي وراء ثم انهزموا إلى البلد ومات عمر بن ياسين ونزل عثمان عليهم القصر يوما ثم دخله من غده ثم كان مهلك السلطان وفر يعيش بن يعقوب خيفة من أبي ثابت فلحق بعثمان بن أبي العلاء واستقام أمره بتلك الجهات برهة وكان السلطان أبو ثابت لما احتل بالمغرب شغله ما كان من انتزاء يوسف بن أبي عياد بمراكش كما قدمناه فعقد على حرب عثمان بن أبي العلاء مكان عمه يعيش بن يعقوب لعبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق من رجال بيته فزحف إليه ونهض عثمان إلى لقائه منتصف ذي الحجة سنة سبع وسبعمائة فهزمه واستلحم من كان معه من جند الروم وهلك في تلك الوقعة عبد الواحد الفودودي من رجالات السلطان المرشحين ردفاء الوزارة وسار عثمان إلى قصر كتامة فنزله واستولى على جهاته وعلى تفيئة ذلك كان رجوع السلطان من غزاة مراكش وقد حسم الداء ومحا أثر النفاق فاعتزم على الحركة إلى بلاد غمارة يمحو منها أثر دعوة ابن أبي العلاء التي كادت تلج عليه ممالكه بالمغرب ويرده على عقبه ويستخلص سبتة من يد ابن الأحمر لما صارت ركابا لمن يروم الانتزاء والخروج من القرابة والأعياص المستنفرين وراء البحر غزاة في سبيل الله فنهض من فاس منتصف ذي الحجة من سنة سبع وسبعمائة ولما انتهى إلى قصر كتامة تلوم به ثلاثا حق توافت عساكره وحشوده وكمل اعتراضها وفر عثمان بن أبي العلاء أمامه وارتحل السلطان في اتباعه فنازل حصن علودان واقتحمه عنوة واستلحم به زهاء أربعمائة ثم نازل بلد الدمنة واقتحمها وأثخن فيها قتلا وسبيا لتمسكهم بطاعة ابن أبي العلاء ومظاهرتهم له ثم كبس القصر واستباحه ثم ارتحل إلى طنجة واحتل بها غزة ثمان وسبعمائة وانحجر ابن أبي العلاء بسبتة مع أوليائه وسرح السلطان عساكره فتفرقت نواحي سبتة بالاكتساح والغارة وأمر باختطاط بلد تيطاوين لنزول معسكره والأخذ بمخنق سبتة وأوفد كبير الفقهاء بمجلسه أبا يحيى بن أبي الصبر إليهم في شأن النزول عن البلد وفي خلال ذلك اعتل السلطان فمرض وقضى أياما قلائل وهلك في ثامن صفر من سنته ودفن بظاهر طنجة ثم حمل شلوه بعد أيام إلى مدفن آبائه بشالة فووري هنالك رحمة الله عليه وعليهم.